فصل: تفسير الآية رقم (11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآيات (5- 6):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً} [5- 6].
{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي} أي: الذين يلون أمر رهطي من بعد موتي، لعدم صلاحية أحد منهم لأن يخلفني في القيام بما كنت أقوم به، من الإرشاد ووعظ العباد، وحفظ آداب الدين. والتمسك بهديه المتين: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً} أي: لا تلد من حين شبابها: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} أي: هب لي ولداً، يلي من الأمر ما كنت إليه وارثاً، لي ولآل يعقوب، في العلم والنبوة. وفي قوله: {مِنْ لَدُنْكَ} إعلام بأنه من محض الفضل وخرق العادة. لعدم صلاحية زوجه للحمل. وتنويه به لكونه مضافاً إلى الله تعالى، وصادراً من عنده. وآل يعقوب أولاده الأنبياء، عليهم السلام {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً} أي: مرضيّاً عندك قولاً وفعلاً.
ثم بيّن تعالى استجابة دعاء زكريا بقوله سبحانه:

.تفسير الآية رقم (7):

القول في تأويل قوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً} [7].
{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً} أي: مثلاً وشبيهاً. وعن ابن عباس: لم تلد العواقر قبله مثله. وروي أنه لم يعص، ولم يهمّ بمعصية قط.

.تفسير الآية رقم (8):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً} [8].
{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً} أي: حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها. وقيل: إلى رياضته. وهي الحال المشار إليها بقول الشاعر:
ومن العناء رياضة الهرم

قال الراغب.

.تفسير الآية رقم (9):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} [9].
{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} أي: من إنسان ونطفة وعلقة وعناصر، ثم وجدت.
قال الزمخشري: فإن قلت: لِمَ طلب أولاً، وهو وامرأته على صفة العتيّ والعقر، فلما أسعف بطلبته استبعد واستعجب؟
قلت: ليجاب بما أجيب به، فيزداد المؤمنون إيقاناً، ويرتدع المبطلون. وإلا فمعتقد زكريّا أولاً وآخراً، كان في منهاج واحد، هو أن الله غنيٌّ عن الأسباب. انتهى.
وقال أبو السعود: إنما قال عليه السلام، مع سبق دعائه بذلك وقوة يقينه بقدرة الله لاسيما بعد مشاهدته للشواهد المذكورة في سورة آل عِمْرَان، استعظاماً لقدرة الله تعالى، وتعجيبا منها، واعتداداً بنعمته تعالى عليه في ذلك، بإظهار أنه من محض لطف الله عز وعلا وفضله. مع كونه في نفسه من الأمور المستحيلة عادة، لا استبعاداً له. وقيل: كان ذلك منه استفهاماً عن كيفية حدوثه. أي: أيكون الولد ونحن كذلك؟ فقيل: كذلك. أي: يكون الولد وأنتما كذلك.

.تفسير الآية رقم (10):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} [10].
{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} أي: علامة تدلني على تحقق المسؤول ووقوع الحمل، ليطمئن قلبي: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّا} أي: لا تقدر على تكليمهم، حال كونك سوياً، بلا مرض في بدنك، ولا في لسانك.
لطيفة:
إنما ذكر الليالي هنا، والأيام في آل عِمْرَان، للدلالة على أنه استمر عليه المنع من كلام الناس، والتجرد للذكر والشكر ثلاثة أيام بلياليها.
والعرب تتجوز أو تكتفي بأحدهما عن الآخر. والنكتة في الاكتفاء بالليالي هنا وبالأيام ثمَّ، أن هذه السورة مكية سابقة النزول. وتلك مدنية. والليالي عندهم سابقة على الأيام. لأن شهورهم وسنيَّهم قمرية، إنما تعرف بالأهلة. ولذلك اعتبروها، في التاريخ، كما ذكره النحاة، فأعطي السابق للسابق.

.تفسير الآية رقم (11):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} [11].
{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ} أي: مصلاه أو غرفته: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ} أي: أشار إليهم رمزاً: {أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} أي: صلوا لله طرفي النهار، وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (12):

القول في تأويل قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} [12].
{يَا يَحْيَى} استئناف، طوى قلبه جمل كثيرة، مسارعة إلى الإنباء بإنجاز الوعد الكريم. وهو وجود هذا الغلام المبشّر به، وتعليمه التوراة التي كانوا يتدارسونها بينهم، ويحكم بها النَّبيّون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار، وقد كان سنه إذ ذاك صغيراً. فلهذا نوه بذكره، وبما أنعم عليه وعلى والديه. أي: قلنا يا يحيى: {خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} أي: تعلم التوراة والعلم بجد وحرص واجتهاد {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} أي: الحكمة وفهم التوراة والعلم والاجتهاد في الخير، وهو صبيٌّ، وقوله تعالى:

.تفسير الآيات (13- 14):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً} [13- 14].
{وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا} أي: وآتيناه حناناً: وهو التحنن والتعطف والشفقة. وتنوينه للتفخيم. أي: رحمة عظيمة يشفق بها على الخلق. أو حناناً من الله عليه: {وَزَكَاةً} أي: طهارة من الذنوب، وعصمة بليغة منها: {وَكَانَ تَقِيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً} أي: متكبراً عاقاً لهما، أو عاصياً لربه.

.تفسير الآية رقم (15):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً} [15].
{وَسَلامٌ عَلَيْهِ} أي: من الله: {يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً} أي: ليستقبل النعيم الأبدي. والسلام بمعنى السلامة والأمان من الآفات. وفيه معنى التحية والتشريف. وفي ذكر الأحوال الثلاث، زيادة في العناية به، صلوات الله وسلامه عليه. وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (16):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً} [16].
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ} أي: القرآن: {مَرْيَمَ} أي: نبأها: {إِذِ انْتَبَذَتْ} أي: اعتزلت وانفردت: {مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً} أي: شرقي بيت المقدس. لئلا يشغلوها عن...

.تفسير الآية رقم (17):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} [17].
{فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً} أي: لئلا تحجبها رؤية الخلق عن أنوار الحق: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} أي: جبريل المنسوب إلى مقام عظمتنا، لغاية كماله، لينفخ فيها: {فَتَمَثَّلَ لَهَا} أي: فتصور لرؤيتها: {بَشَراً سَوِيّاً} أي: سويّ الخلق، كامل الصورة.

.تفسير الآية رقم (18):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً} [18].
{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ} أي: أعتصم به منك. إنما خافته لانفرادها في خلوتها، وظنها أنه يريدها على نفسها. وفي ذلك من الورع والعفاف ما لا غاية وراءه: {إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً} أي: تتقي الله تعالى، وتبالي بالاستعاذة به. وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة السياق عليه. أي: فإني عائذة به. أو فلا تتعرض لي. وإنَّما ذكّرته بالله تعالى، لأن المشروع في الدفع أن يكون بالأسهل فالأسهل. فخوفته أولاً بالله عز وجل.

.تفسير الآية رقم (19):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً} [19].
{قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ} أي: لا تخافي ولا تتوقعي ما توهمت. فإني رسول ربك الذي استعذت به، بعثني إليك: {لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً} أي: لأكون سبباً في هبته. والزكيّ: الطاهر من الذنوب أو النامي على الخير.

.تفسير الآية رقم (20):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً} [20].
{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً} أي: تعجبت من هذا وقالت: كيف يكون لي غلام، أي: على أي: صفة يوجد مني، ولست بذات زوج ولا يتصور مني الفجور؟.
قال الزمخشريّ: جعل المس عبارة عن النكاح الحلال، لأنه كناية عنه. كقوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]، {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] و[المائدة: 6]، والزنى ليس كذلك. إنما يقال فيه فَجَرَ بهَا، وخبث بها وما أشبه ذلك. وليس بقَمنٍ أن تراعى فيه الكنايات والآداب. وإنما اقتصر في سورة آل عِمْرَان على قوله: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [آل عِمْرَان: 47]، لكون هذه السورة متقدمة النزول عليها. فهي محل التفصيل. بخلاف تلك. فلذا حسن الاكتفاء فيها. وقيل: جعل المس ثَمَّ، كناية عنهما، على سبيل التغليب. والبغيُّ الفاجرة التي تبغي الرجال. ووزنه فعول ولذا لم تلحقه التاء، لأنه يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإن كان بمعنى فاعل كصبور. أو فعيل بمعنى فاعل، ولم تلحقه التاء لأنه للمبالغة.

.تفسير الآية رقم (21):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً} [21].
{قَالَ} أي: الملك: {كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ} أي: برهاناً يستدلون به على كمال قدرة بارئهم وخالقهم الذي نوع خلقهم. فخلق أباهم آدم من غير ذكر ولا أنثى. وخلق حواء من ذكر بلا أنثى. وخلق بقية الذرية من ذكر وأنثى، إلا عيسى فإنه أوجده من أنثى بلا ذكر. فتمت القسمة الرباعية الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه: {وَرَحْمَةً مِنَّا} أي: عليك بهذه الكرامة، وعلى قومك بالهداية والدعاء إلى عبادة الله وتوحيده، فيهتدون بهديه ويسترشدون بإرشاده. وقوله: {وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً} من تتمة كلام جبريل لمريم. يخبرها أن هذا أمر مقدر في علم الله تعالى وقدره ومشيئته. أو من خبره تعالى لنبيه صلوات الله عليه. وأنه كنى به عن النفخ في فرجها. كما قال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12]، وقال: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: 91].

.تفسير الآية رقم (22):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً} [22].
{فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً} أي: لما صارت حاملاً به، اعتزلت بسببه مكاناً بعيداً من قومها، فراراً من القالة. وقد روي عن السلف أن جبريل لما قال لها، عن الله تعالى، ما قال، مما تقدم استسلمت لقضاء الله تعالى فاطمأنت إلى قوله.
فدنا منها فنفخ في جيب درعها. فسرت النفخة حتى ولجت في الفرج، فحملت بإذن الله تعالى.

.تفسير الآية رقم (23):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} [23].
{فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} أي: فألجأها ألم الولادة إلى الاستناد بالجذع لتعتمد عليه وتستتر به. وأجاء- قال الزمخشريّ- منقول من جاء إلا أن استعماله قد تغير بعد النقل إلى معنى الإلجاء. وقرئ {المخاض} بكسر الميم وكلاهما مصدر مخضت المرأة إذا تحرك الولد في بطنها للخروج: {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} أي: الحمل: {وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} أي: شيئاً تافهاً، شأنه أن ينسى ولا يعتد به. منسيّاً لا يخطر على بال أحد. وهو نعت للمبالغة. وإنما قالت ذلك، لما عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود، الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد. فلحقها فرط الحياء وخوف اللائمة إذا بهتوها وهي عارفة ببراءة الساحة، وبضد ما قرفت به، من اختصاص الله إياها بغاية الإجلال والإكرام- قال الزمخشريّ- لأنه مقام دحض، قلما تثبت عليه الأقدام، أن تعرف اغتباطك بأمر عظيم وفضل باهر، تستحق به المدح وتستوجب التعظيم، ثم تراه عند الناس لجهلهم به- عيباً يعاب به ويعنف بسببه.